ما زال موقف الدانمارك الرسمي يلتزم السياسة نفسها التي أعلنها رئيس وزرائها أندرس فوغ راسموسن الذي قال إنه "لا يقدر ولا يرغب في التدخل في شؤون وسائل الإعلام" وأكد على زعم أنه "احترام مبدأ حرية التعبير" و "قواعد الديمقراطية الدانماركية".
ويأتي الموقف منسجما مع شعور غالبية الدانماركيين بأن على حكومتهم ووسائل إعلامهم عدم تقديم أي اعتذار للمسلمين، ويزيد منه عدم ملامسة الحكومة الدانماركية لخسائر حقيقية إزاء الإصرار على موقفها.
ويرى مسلمون دانماركيون أن الضغط الخارجي القادم من الدول الإسلامية بما فيه المقاطعة الاقتصادية والسياسية وسحب السفراء وإغلاق السفارات خاصة من جانب دول الخليج، هو الأكثر تأثيرا في حسم الصراع الدائر للدفاع عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد رسوم الكاريكاتير المسيئة التي نشرتها صحيفة دانماركية.
الضغط الخارجي انجع
وقال أحد قيادات المؤسسات الإسلامية في كوبنهاغن إن الضغط السياسي والاقتصادي من الدول العربية والإسلامية أكثر نفعا وحسما للقضية، معتبرا أن جهود المسلمين الدانماركيين مكبلة بمجموعة قوانين داخلية ومحصورة في وسائل معدودة تنسجم مع مبدأ حرية التعبير.
وأضاف القيادي الذي يحمل الجنسية الدانماركية وحبذ عدم ذكر اسمه أن مواصلة المقاطعة من الدول العربية والإسلامية سترغم الحكومة والصحيفة على الاعتذار قائلا إن قوانين الدانمارك تعتبر تحفيز مواطنيها الدول الأخرى ضد بلدهم يندرج ضمن تهمة الخيانة التي تعطيها حق سحب الجنسية منهم، وأكد أن وضع حرمة الدين الإسلامي ونبيه الكريم موضع الكرامة يأتي بفعل الضغط الخارجي لا الداخلي فحسب.
كما أكد أن القوانين الأوروبية وضعت سلفا مجموعة خطوط حمراء لمبدأ "حرية التعبير" وأنه "إذا تفهمنا أن المساس بسيادة الدولة أو بشخصية الملك من الخطوط الحمراء، فكيف نتفهم أن يكون التشكيك بمحرقة الهولوكوست -خاصة أنها تخضع لمسألة تاريخية صرفة- من الخطوط الحمراء، علما أن التشكيك فيها ليست إساءة للدين اليهودي أو المساس بمسألة المعتقدات".
قليل من كثير
ومن جانبه أكد رئيس الرابطة الإسلامية بالدانمارك د. محمد فؤاد البرازي أن الرسومات المهينة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، جاءت ضمن سياق عرضها في كتاب وضع لغرض التعريف بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم يتناوله الطلبة.
وأضاف أن الكتاب الذي صدر حديثا وبدأ عرضه بشيء من التحفظ ببعض المكتبات يحمل اسم "القرآن وحياة محمد" يحتوى على رسومات للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أكثر مما عرضته صحيفة يالاند، من بينها صورة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو ممدد بغار حراء بانتظار جبريل عليه السلام بصورة يرثى لها. كما تضمنت رسما له وقد وضع عائشة رضي الله عنها بحجره ويلعب بأقراط أذنيها مذيلة بعبارة كـ "ابنته عمرها سبع سنوات".
وأوضح البرازي أن اجتماعا سيعقد الغد لمجموعة مؤسسات إسلامية للتفكير بما يمكن القيام به في الفترة القادمة حيال انتشار الكتاب والتوقف عن الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقال إن الخيارات المفتوحة أمامهم تنظيم مظاهرة سلمية وفقاً لقوانين وأعراف الدانمارك والضغط بإرسال رسائل استنكار للساسة وأصحاب القرار في البلاد.